السبت، 23 يوليو 2016

مراكش والزحف المتوحش / الجزء الثالث  
 
المغرب / مصطفى منيغ
خارج المجتمعات الأمازيغية ، النَّادِرُ القليل مَن يعرف جده الخامس فيكتب اسمه خماسي الأفنان في شجرة  العائلة وإن كانت مجهولة بعد هذا الحد، بالنظر لأي تربة نمى جدعها فانتزع بُرْعُماً ليُزرع من جديد حيث المعني بها قائم الآن ، لا أحد اهتم، وحتى إن فعل ما النتيجة؟؟؟ ، وهنا التَّرْكُ مُسْتَحْسَنٌ ما دام يُشكل قاعدة وحدة بشرية تُغَدِّي الاستقرار، وإن عَمَدَ أكثرَ من مرة الذين استفادوا من الظاهرة وبالمجان لطيبة نفوس المغاربة وعقلهم الجماعي الوازن بالرزانة والاجتهاد لمحو أثار التوتر والتجلُّد حتى تقضي الزوابع مآربها من مرضى التحكم في الرقاب والغوص في جيوبهم لإفراغها عنوة وأصحابها ضاحكون إذ حيال كثرة الهَمّ لا يجدون غير الضحك يشغلون به المتحركون والمتجمدون في شوارع مُقارنة بالقرون الوسطى رغم أصوات تتعالى من تلفاز يُطمئن المشاهدين والمستمعين أنهم في حاضر ما، لسنة ما، من الألفية الثالثة كآخر زمن سيجمعهم مهما ازدادوا بالتوالد أو نقصوا بالغم وانعدام الحقوق وتصرفات حُكام لا يهمهم مَنْ ينام جائعاً ، بل شُغْلُهُم الشاغل التَنَصُّت عليه إن تَقَبَّلَ الفعل صامتاًً صابراًً مغلقاًً عينيه وفمه عن الطعام والكلام ، أم ممن لا يستطيعون إخماد عواء أمعائهم بحسب الهواء الممزوج بالغاز المُستخرج من بقايا بقايا أطعمة تتقاتل وخلايا في حاجة لامتصاص أي شيء قبل تَعَرُّضِها للتَّلف، وفي ذلك خسارة للعقل، الماسك بالتوازن كي لا ينهار مَنْ خُلِقَ ليظلَّ قائماً مُعافياً  ثلاثة أرباع حياته، و تيك سنة الحياة وما أقساها لو عَلِمَ الناس بأمرها جملة وتفصيلا ، تضحك ضحكاً ينقلب لمآسي لا يُحمدُ عقباها أحياناً .
لن تذهب الصيحة العاقلة ليصطدم صداها بالصخرة الواقية للفساد، المعمولة عن قصد لامتصاص بوادر غضب مشروع ، أو الرضوخ للاضطراب مع السراب حتى الشعور بالملل والإحساس أن زمرة من الناس رغم قلتهم متمكنة، لا قلم يستطيع بما يكتب ردعها، ولا كلمة حق معلنة (بالتي هي أحسن) قادرة على فصلها، ولا سلطة في هذا البلد مهما بلغ مستواها مهتمة بعربدتها، كأن مراكش ضيعة تخصهم وما عداهم دُمى متحركة لا شأن لها بحب الوطن، أو الإخلاص للثوابت سينفعها، فقط كادحة "هواء طلق" في مصنع بلا بناية ولا مسؤولين ولا حراس ولا موظفين ولا قانون ، يبيع ويجني ثماراً بلا سلع مقدمة أو أي شيء ملموس يستحق المقابل المدفوع وإنها لَلْغرابة بعينها، وذاك شيء يُؤَسِّسُ لعادة معروفون روادها، رغم اختفائهم خلف نفوذ يستغلونه لقضاء مآربهم دون التفكير ولو لحظة في تقديم الحساب لأي كان بغرور مبالغ فيه واستغلال مكشوف لانعدام تحقيقات معمقة تضع حدا لتلاعبات ما أحوج المغرب للقضاء عليها. بل الصيحة استقرت بالتتابع حيث الإصغاء لما تضمنت من رنات قرع ناقوس الانتباه لما ترتب من أوضاع تدعو لإصلاح جذري يطال بؤر الفساد ورؤوس المفسدين في طول وعرض مراكش مدينة وما جاورها، إصلاح يُدشَّن بمكنسة تنظف بعض رؤوس المسؤولية واستبدالهم بمن يترجم ما يتوصلون به من رواتب عالية إلى أعمال منتجة للجيد فالأجود من خدمات موجهة  للناحية وسكانها الكرام الأعزاء عن جدارة يستحقونها.
... نعلم أن القرد إن ألبستَهُ الحرير يظل قردا ، لذا من الأحسن أن يُترك في محيط بيئته حتى لا يتحول مَن يتدبر شؤونهم لمجرد قرود يجمعهم أيام الاحتفالات وما أكثرها، في هذه الناحية كوسيلة لإلهاء مَنْ ضيعوا ولا زالوا يضيعون أوقاتهم في الانبهار بالمناظر الملونة بأكثر الألوان جاذبية لعيون ترى ولا تبصر، تساهم ولا تقرر، مُبهمة المصير، غيرها ينعم بجلسات فوق الأرائك المحشوة بريش الطير، وأصحابها على حصير، تأكل من مفاصلهم ما أبقاها البحث المضني عن القوت اليومي مستحملة صابرة عن نبوغ تقدير، عسى الحال ينقلب ذات يوم بالمحسوب على الخير.
... عود ثقاب ينتهي طوله بكرة مصغرة زرقاء اللون في الأغلب تسبب فيما يدركه الكثير لا يحتاج لدقة تصوير ، المغاربة أذكياء حمدا لله يفصِّلون المعاني وفق قرائنها على أرض الواقع ، وهنا وجب التوقف عند قضية غاية في الأهمية ، الشعب المغربي، وَاهِمٌ من يدَّعي أن الاستقرار المانح إياه للدولة نابع عن خوف ، أبداً ، موقفه ذاك قائم على تدارك الخلل بما يستحق، بعيدا عن إشعال احتجاجات هنا وهناك مهما تكاثرت زوايا جنباتها وتعاظمت فروع أطرافها وتباينت مستويات أفكار مكوناتها ، شعب له إرادة أقوى من إرادات أخرى متحركة على أرضه المغرب، إرادة تستمد يناعة يقظتها واستمرارية الإبقاء مستعدة لمواجهة متحديها من بارِئِها الحي القيوم ذي الجلال والإكرام، سبحانه الواحد الصمد لا شريك له بادئ البدء مالك الختام.
سكان مراكش الأقوياء الشرفاء بصبرهم السليم، وموقفهم الرزين المسالم ، جزء من هذا الشعب العظيم ، استقرارهم من استقراره بالكمال والتمام والموقف الحكيم.
مصطفى منيغ
212675958539

2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق